عموما

الحجاب في المانيا بين الواقع والتقنين

الحجاب في المانيا بين الواقع والتقنين
Portrait of hijab woman with health concept. Portrait of confident female nurse in a hospital or doctor's office. She is smiling at the camera. Portrait of a female doctor of Middle Eastern descent standing in a hospital corridor.

 

الحجاب في المانيا بين الواقع والتقنين

 

منذ أن فتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في عام 2015 أبواب ألمانيا أمام طالبي اللجوء، واجه صُنَّاع القرار في ألمانيا تحدياً كبيراً فيما يتعلق بإدماج الوافدين الجدد في المجتمع الألماني سواء من ناحية تعلم اللغة والاندماج في سوق العمل. فالمجتمع الألماني يحتضن اليوم مختلف الثقافات والأعراق، منهم من ينخرط في المجتمع الاماني بسهولة واضحة، ومنهم من يجد صعوبة في ذلك أما بسبب ضآلة معرفته أو بسبب بعض القيود التي تحول بينه وبين ذلك الاندماج.
من أولئك الذيم يعانون من الاندماج النساء المسلمات اللواتي يتقيدن بالزي الإسلامي الذي يمثل هويتهن المسلمة، والتي يربطها فريق من المسؤولين الألمان بأنها إشارة ودعوى للدين الإسلامي. ولهذا تتوالى الحالات التي يتم فيها رفض مسلمة متحجبة للعمل في مختلف القطاعات. بينما يتفق غالبية الألمان أنه لا يجب حظر الحجاب الذي يغطي شعر المرأة فقط، إلا أن هناك فريق يرفض تقبله وذلك بتجنب التعامل مع السيدات المحجبات. وعلاوة على ذلك يوجد الفريق الذي يحارب الحجاب بصورة تظهر إما في إيذاء المحجبات بالقول أو بالتصرفات المسيئة من جهة، وكذلك من أصحاب السلطة وأرباب الأعمال بفرض قوانين تفرض على المرأة إما خلع الحجاب أو البقاء دون عمل من جهة أخرى.
وجاء قرار أحقية منع الحجاب للمتدربات في قاعات المحاكم الذي صدر في شباط من العام الماضي بالجدل الواسع، فحين حسمت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا هذه القضية بالقول بأن هذا المنع يتماشى مع الدستور وأنه من الواجب احترام القرار والالتزام به بحيادية بعيدا عن التوجه الديني، متناسية ( وإن صح القول متجاهلة ) أن الحجاب رمز من رموز الإسلام وأن المسلمين لن يتهاونوا بهذا الرمز.
في العام نفسه أقرت أيضاً ولاية سكسونيا السفلى تحت قضايا الحياد قانوناً بأن يُمنع القضاة والمدعين العامين بارتداء أي زي أو ومز ديني في قاعة المحكمة. وقالت وزيرة العدل بأن هذا الأمر غير مقتصر على الحجاب، ولكن يشمل أي رمز يشير لأي دين من الأديان.
فيما يرى العديد من المسلمين أن هذه القرارات ماهي إلا صورة من صور محاربة الإسلام ـ بطريقة غير مباشرة ـ والتي تُظهر الأمر وكأنه يعم جميع الأديان، وإلا فما الضرر من ارتداء الحجاب أو غيره من الرموز الدينية إذا كان ذلك لا يؤثر على جودة الإنتاج أو سير العمل!
هذا المنع وإن لم يكن عاماً سواء في جميع الولايات الألمانية أو جميع مجالات العمل إلا أنه يثير القلق والتساؤلات ما إذا كان ستصدر قرارات أخرى في الأيام المقبلة أكثر عمومية ً وشمولاً. إلا أنه من حسن الحظ أن ألمانيا دولة فيدرالية، وهذا يعني أن كل مقاطعة مسؤولة عن سن قوانينها الخاصة بها، ففي الوقت الذي رفضت فيه المحكمة الإدارية في ولاية هسن في عام 2017 شكوى محامية متدربة مسلمة تقدمت بها بسبب منعها من ارتداء الحجاب في بعض مجالات التدريب، حين تتولى مهمة قضائية أو نيابة عامة لأنها كما يُقال في هذه الحالة ممثلة للسلطة القضائية، حكمت محكمة أوغسبورغ الإدارية في ولاية بافاريا عام 2016، لصالح محامية متدربة رفعت نفس الدعوى وذلك لأن اللائحة القانونية في بفاريا تختلف عنها في ولاية هسن.
والقول بأنه لا يوجد قرار شامل لمنع الحجاب، كما أن أصحاب العمل لا يملكون الحق في منعه مالم يكن في ذلك ضرر على العامل نفسه أو المحيطين به، يتعارض مع رفض العديد من القضايا التي أُثيرت من مسلمات تم رفضهن للعمل بسبب ارتدائهن للحجاب، وكان هذا هو السبب الوحيد للرفض. وقيل بأن لأصحاب العمل الحرية في سن قوانينهم الخاصة.
وهنا تتعالى الأصوات المطالبة للسلطات الألمانية بضرورة حماية الحرية الدينية والشخصية للمسلمات، طالما لم يصدر منهن أي أذى ولم يلحقن الضرر بالآخرين، مؤكدين أن الحجاب لا يعيق المرأة المسلمة عن القيام بالمهام الموكلة إليها.

Author: sindbadmagazin