عموما

دراسة علمية: الأكثر استخداماً لـ «نظرية المؤامرة» يعانون من «النرجسية» ويحتاجون لعلاج نفسي

Puppet businessman in an empty room leaded by a huge hand

دراسة علمية:
الأكثر استخداماً لـ «نظرية المؤامرة» يعانون من «النرجسية» ويحتاجون لعلاج نفسي

إعداد – عمرو سليم:

لا يوجد فيروس إنما الأمر مجرد مؤامرة بين الدول الكبرى .. لا إن الموضوع عبارة عن فيروس نشرته أحدى الدول لضرب اقتصاد العالم لكي تتمكن من السيطرة عليه .. ليس ذلك ولا ذاك، فيروس «كورونا» مجرد دعاية سوداء قامت بها إحدى الدول للسيطرة على العالم وتحريكه بحسب رغبتها .. لا تقلقوا مارسوا حياتكم بشكل طبيعي نحن أقوى من الفيروس.. تلك المقولات كانت تحليلات لجانب من مفكرين ومشهورين وبعضهم حاصل على شهادات عليا، وآخرين إعلاميين ومحللين في عدد من دول المنطقة..ونحن الآن نواجه ملايين الإصابات ومئات الآلاف من الوفيات الناجمة عن انتشار الفيروس حول العالم، وللمنطقة العربية نصيب من تلك المأساة ايضا.

العلم ضد المؤامرة

نظرية المؤامرة تعتبر إحدي النظريات المصاحبة دائما لفكر العديد من الشعوب، وتم تغذيتها منذ الصغر نتيجة ضعف الجانب التعليمي وتركيزه على مبدأ التلقين بدون التفكير التحليلي المبدع، فأصبح من السهل النظر إلي الأمر من دائرة واحدة فمن الصعب التحليل والوصول لنتيجة أما من السهل إلصاق الموضوع بنظرية المؤامرة والقفز فوق النظريات العلمية التي تفرض المشاهدة والتجربة والإستنتاج والتقييم والوصول لنتيجة علمية بناء على معطيات ونتائج محددة معلومة المصدر.
هل تصدق ان لقطة من مسلسل أطفال كارتوني كانت محور لندوة أحد المحللين في مجال التحليل السياسي ليثبت ان هناك مؤامرة دبرت ضد المنطقة وشعوبها، فلا يوجد أسهل من إغلاق المختبرات العلمية والبحثية وتوفير نفقاتها والجري وراء نظرية المؤامرة التي تظهر في أي أزمة بدلًا من البحث والمعرفة والوصول لحلول عملية وتطويرها للاستفادة منها في المستقبل.
فبماذا ستفكر إذا وجدت لشخص يشير بأصبعه لجهاز التليفزيون ليعمل؟؟ بالطبلع أول ما سيخطر ببالك ان هذا الشخص ساحر أو كائن فضائي جاء إلينا من عالم آخر ولكن … ماذا تقول إذا علمت انه يخفي جهاز تحكم صغير الحكم بين أصابعه؟ بالطبع ستعرف ان الامر طبيعي للغاية.
أصبح هناك العلم والفن والإعلام المسيس حتى التعليم لم يستطيع الهروب من تلك الدائرة، واختلطت نظرية المؤامرة بالعديد من جوانب الحياة لتجد مفكرين ومثقفين يتحدثون دائمًا عن نظرية المؤامرة ويلصقونها بأي فشل أو أزمة تحدث، بالرغم مع ان واقع الأمر يشير إلي ان ضعف بعض النظم التعليمية بالمنطقة وعدم الاهتمام بالبحث العلمي هو السبب الرئيسي بذلك المشهد المحزن.
قبل ان تهاجمني وتقول ان المؤامرة موجودة بأي منطقة، دعني أوضح انه بالفعل تنتشر نظرية المؤامرة بالدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية التى استطاعت من خلال تلك النظرية تطوير برنامجها الفضائي وأسلحتها المتطورة الموجهة عن بعد واستخدام سلاح الليزر في الحروب وبرامج التجسس المختلفة لكن … تم استخدام النظرية هنا لتحقيق هدف إنمائي وليس للتغطية على فشل أو سوء إدارة أزمة معينة.

علاج نفسي

بدأت بعض الأصوات خاصة بالمنطقة لاعربية تنادي بالاهتمام بالبحث العلمي والباحثين العلميين، وايضا الصحافة العلمية وتقويتها وتطويرها بدلا من إعطاء الأولوية لأمور آخري ربما تأتي في مرحلة لاحقة بمجتمعات هى في أشد الحاجة لنظام تعليمي محترف وعقول مبتكرة مبدعة، فشخصيًا أعتبر نظرية المؤامرة العدو الأبرز للتحليل العلمي القائم على نظريات ثابتة وواضحة وليست رؤية شخصية قائمة على التخمين.
لذلك أعزائي دعونا لا نتعجب عندما نعرف إنه قد نشرت المجلة العلمية الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي بحث يوضح ان أكثر الأشخاص اقبالًا على نظرية المؤامرة بل الاتجاه إلي استخدامها هم من يبحثون عن التفرد والتميز، ويريدون ان ينظر إليهم الناس على أنهم خبراء ومفكرين كبار، بأعتبار ان لديهم معلومات سرية لا يعرفها غيرهم، وأنهم مطلعون على الأمور الخفية وبيدهم مفاتيح الألغاز الغير مفهمومة لمعظم العامة، فلن نتعجب إذا علمنا ان بعضهم يعاني بالفعل من «النرجسية» أي يحتاج لعلاج نفسي وليس لجماهير تهرول خلفه وتأخذ ما يقولك كأنه نظريات علمية مثبتة.
كما رأينا تعانى المنطقة العديد من الأزمات أبرزها التحديات العشر السابقة المترابطة مع بعضها البعض وتدور في دائرة واحدة مغلقة، فضعف النظام التعليمي يُنتج مجتمعات غير قابلة للتطوير والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها بشكل فعال، وبالتالي تهرب منها الاستثمارات، وتزيد البطالة، وتعانى العائلات من الفقر، وتزداد أزمات الغذاء والمياه، وتنتشر الأمراض والأوبئة، ويصعب من الصعب وقتها الوصول لحلول علمية لتلك الأزمات لأن المجتمعات تصبح مشغولة بالبحث عن أبسط إحتياجاتها الأساسية، ويصبح لدي البعض رؤية فردية أكثر توحشًا وينغلق المجتمع المدني على نفسه ويتحول الإعلام لأداة لتحقيق المصالح الشخصية، وهنا تأتي نظرية المؤامرة لتطيح بالعقول وتفعل ما تشاء في ظل هروب الكفاءات العلمية والبحثية ويصبح من الصعب وقتها الاعتراف بأن هناك كارثة على وشك الحدوث تسمي «تغير المناخ»، ليظهر لينا في النهاية الصراع الدموي العنيف الذي يعتبر نتيجة لتلك التحديات وليس مُسبب لها.

Author: sindbadmagazin