عموما

تجربة شيقة لمعادلة شهادة الصيدلة في المانيا

شادي الحناه تجربة جميلة للإرادة والنجاح..

شادي الحناه سوري من مدينة دمشق، حاصل على شهادة جامعية قسم الصيدلة، أتى عام 2016 الى ألمانيا، وبدأ مشواره هنا من الصفر تقريباً ونجح بعد جهد للوصول الى ما يصبو إليه. مجلة سندباد التقت بشادي لألقاء الضوء على تجربته المميزة وأجرت معه الحوار التالي

1-لابد أنك واجهت الكثير من الصعوبات عند قدومك لألمانيا ماهي أبرز هذه الصعوبات وكيف استطعت التغلب عليها؟ واجهتني في الحقيقة الكثير من الصعوبات، وكان أهمها، من أين سأبدأ؟ كنت أشعر بالتشتت لم أكن أعرف الى أيّ جهة يجب أن أتجه من أجل العمل على تعديل شهادتي الجامعية. انتظرت حوالي تسعة أشهر لأحصل على الإقامة، وقبل حصولي على الإقامة لم أكن أستطيع فعل شيء، اتجهت لمكتب يعطي النصيحة للقادمين الجدد الى ألمانيا وأخبرني ماذا يجب أن أفعل، ولكن من دون أي توجيهات. واجهت صعوبة في التعامل مع الكثير من الناس المحيطة بي من جنسيات وثقافات مختلفة وطريقة تفكير مغايرة جداً، اتجهت للألمان فكانوا هم أكثر الناس برأيي تقبل الآخر، وهذا سهل عليّ الاندماج معهم بسرعة. عن طريق مجموعة للصيادلة العرب عرفت كيف أبدأ والى أين أذهب لأعادل شهادتي الجامعية، والموضوع لم يكن بالأمر السهل لأن ألمانيا دولة تعتمد على الأوراق والمستندات وكان يجب أن أقدم الكثير منها وانتظر الكثير منها أيضاً.  يجب ان يكون الأنسان لين في التعامل مع الآخرين ومنفتح لجميع الأفكار والآراء، ويجب التحلي بالمنظور الواسع ليستطيع أن يتخطى كل الصعوبات.

2-اللغة هي من أهم العوامل التي تجعل الحياة أسهل هنا في ألمانيا، وأنت تعلمت اللغة الألمانية لمستوى متقدم، ما هو الأسلوب الذي اتبعته لتعلم اللغة بسرعة وماذا تنصح الذين يواجهون صعوبات في هذا الأمر؟ اللغة الالمانية هي المفتاح الأساسي لنجاح حياتي هنا في ألمانيا، قمت بتنزيل برنامج جيد جداً لتعلم اللغة الألمانية، بقيت ثلاث أشهر أتعلم اللغة عن طريق هذا البرنامج وكنتُ في ذلك الوقت مازلت مقيم في السكن الخاص للاجئين أنتظر إجراءات الإقامة فأحببت أن أستغل الوقت الكثير الذي كان  لديّ في تعلم اللغة، كنت احاول أن أفهم القواعد والأساسيات في اللغة، وعندما حصلت على الإقامة سجلت في المدرسة وكنت مهتم بتعلم الكلمات لأن قواعد اللغة كنت قد تعلمتها وكانت سهلة بالنسبة لي، كنت مهتم بتحسين قدرتي على القراءة، كانت الكورسات مكثفة ولا يزيد الواحد منها عن الشهر ونصف لكل مرحلة. زملائي في المدرسة كانوا حاصلين على شهادات جامعية، هذا الجو العام أعطاني دافع أكبر لأتعلم بسرعة، بالإضافة الى أني كونت علاقات جيدة مع الألمان في نادي الرياضة بعضها تطورت لتصبح صداقات، وهذا أعطاني الفرصة لأمارس اللغة الألمانية، هذا عدا المدرسات الذين منعوني من التحدث باللغة الإنكليزية خلال دراستي للغة الالمانية. نصيحتي لكل من يريد أن يتعلم بسرعة أن يتعرف على ألمان ويكون صداقات معهم حتى يتسنى له ممارسة اللغة، وفي رأيي أن الألمان عندما يجدوا الرغبة لدا أي شخص في تعلم لغتهم للاندماج معهم كفيلة في كسر أيّ حاجز، لأن أغلبهم يعتقد أن كل لاجئ سوف ينطوي على أبناء بلده ولن يعني له الاندماج وتعلم لغة البلد المقيم فيه أي شيء، لذا يجب أن نغير هذه الفكرة ونمضي قدماً نحوى الاندماج معهم وتعلم لغتهم لنستطيع النجاح هنا في حياتنا، وهذا لا يلغي بالطبع هويتنا، وأنا سمعتُ الكثير في مكان عملي أن السوريين يندمجون أسرع من غيرهم وهذا يبشر بالخير لنصل الى مكانة جيدة في المجتمع الألماني.

3-أنت حاصل على شهادة جامعية في بلدك سوريا قسم الصيدلة كيف قمت بتعديل شهادتك وماهي الطريقة الأسهل والأسرع لذلك؟ استغرق تعديل شهادتي وقت دام سنتين، يجب أن يكون الشخص حاصل على مستوى لغة B2، وبعد ذلك يجب التقدم الى -Fachsprachprüfung  – وهذا قدمته في نقابة الصيادلة في ألمانيا، وقد تم سؤالي عن كيفية التعامل مع المريض واذا ما كانت لغتي الألمانية تؤهلني لذلك، وكيفية كتابة رسائل لزملائي، وبعد ذلك حصلت على مستوى C1 بالفحص، وحصلت أيضاً على C1 في مدرسة اللغة، هذا أهلني للحصول على تصريح مؤقت لممارسة المهنة كصيدلي. مر عام لم أستطيع الحصول على موعد للفحص، وأنا أعتقد أن عام وقت كافي جداً من اجل التحضير للامتحان اذا كان الشخص لديه وقت، وأما بالنسبة لي فقد كنت مرتبك في أول أربع شهور لأني لم أعرف من أين أبدأ فهناك الكثير من الكتب يجب عليّ دراستها، والفحص لم يكن سهل فقد كان علي دراسة كل ما تعلمته في دراستي للصيدلة في بلدي ولكن باللغة الألمانية، لذلك كان عليّ مراجعة الكلمات ذات الاختصاص تعلمها وحفظها.

هناك العديد من الكتب الموصي بها واستعنت أيضاً بالأنترنت من أجل الحصول على كل المعلومات التي تفيدني في هذا المضمار، وأيضاً زملائي في الصيدلية التي كنت أعمل بها قدموا لي الكثير من المساعدة حتى أبقى أعمل في نفس الصيدلية، كان هناك الكثير من الضغط، عمل ودراسة، مواظبة على الذهاب لنادي الرياضة، بالإضافة لحياتي الشخصية، ولكن مع تنظيم الوقت يستطيع الإنسان تسيير كل أموره. وأيضاً هناك مادة هامة كان يجب أن أدرسها وهي القانون الألماني فيما يتعلق بمهنة الصيدلة، وهذه المادة كانت مليئة بالكلمات والمصطلحات المعقدة والصعبة، فقد قمت بدراسة هذه المادة ست مرات حتى استطعت أن أتحدث بشكل جيد مع الشخص الذي يفحصني. وأما فيما يخص الطريقة الأسرع والأسهل للحصول على المعادلة للشهادة فهي ارسال الشهادة لمركز التعديل ويقوم المركز بتعديل الشهادة كمساعد صيدلاني، وهنا لا يمكن للمساعد فتح صيدلية وتحمل مسؤولية ذلك، وأنا أرى ان الطريقة الثانية والتي اتبعتها هي الأفضل ولو أنها بحاجة لوقت أطول وجهد أكبر، ولكن تستحق ذلك لكيلا يضيع الجهد الذي بذله الشخص في بلده حتى حصل على شهادته، وانا كنت قد وضعت تعديل شهادتي كصيدلي وليس كمساعد هدف أمام عينيّ وقمت بتحقيق الهدف.

4-ماهو التدريب أو التعليم الذي تلقيته من أجل أن تمارس العمل الصيدلي هنا في ألمانيا وماذا أضاف لك بعد دراستك الأكاديمية للصيدلة في سوريا؟ حصلت على تدريب جيد ومن جميع النواحي في مهنة الصيدلة، والفروق الموجودة بين سوريا وألمانيا أن هنا يوجد تفصيل أكثر، وأيضاً هناك خطط علاجية تختلف عن تلك الخطط المتبعة في سوريا، هناك أدوية يمكن أن تُشترى من دون وصفة الطبيب أما هنا هذا الأمر ممنوع منعاً باتاً، طبعاً الأساسيات تبقى واحدة في كل العالم، ولكن الآليات والتفاصيل هي التي تختلف، لذلك بدأت بتنظيم معلوماتي وكل شي تعلمته بالصيدلة في عقلي بالمنهج الألماني، ومن الناحية العملية أصبح لدي منظورين بدل المنظور الواحد لأيّ معالجة أو مرض، دواء أو تصنيف، وحتى بالقانون أنا درست القانون السوري والقانون الألماني، وأصبحت أتحدث بلغتين غير لغتي الأم بشكل جيد جداً وهذا يساعدني في التواصل مع المرضى الذين لا يملكون جميعاً قدرات جيدة باللغة الألمانية ويمكن الاستعانة بلغات اخرى لمساعدتهم.  في الحقيقة كانت دراستي للصيدلة في المنهج الألماني تجربة غنية جداً بالنسبة لي وهذا فتح لي الأفق للكثير من فرص العمل في أي بلد في العالم.

5-مارست العمل كصيدلي في سوريا وها أنت تمارسه هنا في ألمانيا، ما هو الفرق في العمل كصيدلي بين البلدين برأيك؟  في سوريا عملت في صيدلية لمدة ثلاث سنوات ونصف، وكان العمل هنا مختلف جداً ولعل الفرق بين هنا وهناك هو أن الصيدلي في ألمانيا يُعتبر المساعد الأيمن للطبيب، فعلى سبيل المثال عند وصف أي دواء للمريض وهذا الدواء غير موجود في الصيدليات ولدى المريض مشكلة في البروتين في الجسم مثلاً والطبيب ليس لديه فكرة عن هذه المشكلة أو ربما نسي أن يسأل المريض، هنا مهمة الصيدلي ان يسأل المريض وهذا الأمر مُلزم هنا في ألمانيا، وفي هذه الحالة يتحدث الصيدلي الى الطبيب ويتم مناقشة أي الخيارات العلاجية هي الأنجح والأسلم للمريض، وأما في سوريا فالوضع يختلف كثيراً، فالكثير من الناس تذهب مباشرةً للصيدلي لأنها لا تملك المال  الكافي للطبيب، أو لأن ما تشكوا منه ليس بالشيء الكبير أو الخطير، أو حتى لا تضيع الكثير من الوقت عند الطبيب في الانتظار والتشخيص، لذلك الكثيرين يذهبون مباشرة للصيدلي ويشرحون ما يألمهم أو ما يشكوا منه وهو يصف الدواء المناسب، وأنا قد اكتسبت خبرة جيدة في هذا المجال فقد كنت أعمل مع صيدلية مشهورة والصيدلي المسؤول كان لديه خبرة خمس وأربعين عاماً في هذه المهنة وما تعلمته منه فادني كثيراً في المعالجة السريرية في ألمانيا، هذا اكسبني منظورين مختلفين بالنسبة لطرق العلاج وأساليبها.

6-ماهي طموحاتك المستقبلية بالنسبة لك على الصعيد المهني والشخصي، وهل هذه الطموحات اختلفت بين سوريا وألمانيا ولماذا؟ اولاً الهدف البعيد لي هو أن أفتح صيدلية خاصة بي.  وأما الآن أهتم بالخبرة التي يجب أن أكتسبها، فالصيدلية في ألمانيا تختلف جداً عن سوريا، هنا الصيدلية أكبر ومتخصصة أكثر، فهناك الصيدلي ومساعده والمختصين بالمخبر، والمسؤولين عن توصيل الادوية والطلبات، فالعمل هنا معقد أكثر من سوريا عدى التكلفة المادية الكبيرة التي يتطلبها فتح صيدلية هنا، وأيضاً هناك مسؤولية كبيرة يجب أن يتحملها الصيدلي، ويجب يكون على اطلاع دائم لما هو جديد. الآن انا أتعلم كل الأمور التي تخص الصيدلية من جميع نواحي العمل لأكون على دراية بكل التفاصيل.

وأما على الصعيد الشخصي أريد أن أعمل شيء لم يقوم به من قبل على صعيد العمل، اُبتكر شيء جديد كلياً لم يسبقني أحداً اليه، وفي العام القادم سوف أعمل تدريباً خاصاً لأكون أخصائي تغذية، هذا الموضوع يستهويني جداً وأسعى لصقل نفسي في هذا المجال وتطويره لاحقاً عندما أخذ معرفة وخبرة به. كما أريد أن أحقق تقدماً أكثر على صعيد الرياضة كما أحب أن أكون مدرب رباضي شخصي. طبعاً الطموحات اختلفت بين سوريا وألمانيا، في سوريا لا يتلقى الإنسان هذا الدعم الذي يتلقاه هنا لذا كان أقصى حلمي هو العمل في معمل أدوية أو أفتح صيدلية خاصة بي، كانت تراودني الأحلام مرات بأنشاء شركة أدوية ولكن كنت أعلم أنه حلم بعيد بسبب كثرة الشركات ولاحقاً بسبب الظروف السيئة التي تشهدها سوريا والتي أدت لغلق العديد من الشركات.

Author: sindbadmagazin